دعونا نبدأ بمثال بسيط : ماء بارد و ماء حار
لنعتبر أننا لم نلمس مسبقا ماء باردا أو ماء حارا، كيف ممكن لشخص أن يشرح لنا الفرق بينهما؟ ما معنى بارد؟ و ما معنى حار؟ و هل ممكن أن نشرح الفرق بينهما؟ بكلمات أخرى؛ هل من الممكن لدماغنا أن يستوعب معنى بارد و معنى حار، إن لم تستشعر يدانا هذا الماء؟
هذه تجربة بسيطة تشرح لنا عن صعوبة (أو حتى استحالة) الدماغ في استيعاب مفهوم معين إن لم تستشعر به اليدين أولا.. و بالنسبة للطفل، فإن كل كلمة جديدة هي بمثابة مفهوم جديد، لم يتعرض له مسبقا في حياته..
اليد هي الأداة التي يستخدمها الطفل لاستكشاف كل شيئ حوله، فكما تقول الدكتورة ماريا مونتيسوري، اليدين هما الأدوات لذكاء الإنسان.
د. مونتيسوري أكدت كثيرا على أهمية اليدين في حياة الطفل، و على أهمية إعطائنا أي مفهوم جديد للطفل على شكل كل شيئ ملموس، قادرة يداه على الاستشعار به، كي يستطيع العقل أن يستوعبه..
سبحان الله، فبسبب أهمية هذا الأمر في حياة الطفل، فإنه بالفطرة لديه الرغبة في لمس و استشعار أي شيئ يوضع أمامه.. في كتاب مونتيسوري منذ البداية، قرأت أنه في يوم ما، أثناء زيارة د. مونتيسوري لدار رعاية للأطفال، رأتهم مستلقين على الأرض، يلعبون بفتافيت الخبز.. المسؤولة في المركز، رأته تصرف طمع و قلة تهذيب، و لكن د. مونتيسوري راقبت بدقة، و لاحظت أن الاطفال لم يتناولوا أي شيئ ، بل كانوا فقط يلعبون بالفتافيت، و يستشعرون بهم بين يديهم، و هنا استوعبت فعلا مدى حاجة الطفل لهذا الأمر..
وهنا يكمن دورنا كمربيين، في تلبية هذه الحاجة عند أطفالنا، و نقدر قيمة هذا الدماغ الصغير، القادر على فهم، استيعاب، و حفظ أكتر من ما نتخيل بكثير...
Comentaris